وزير الأوقاف: نحن علي أعتاب نهضة حقيقية ، بشرط الإرادة والاستقرار وتهيئة المناخ للاستثمار
على الرغم من كلِّ الصعوبات والتحديات التي تمر بها مصر فإني لم أكن أكثر تفاؤلاً مني في هذه الأيام، و أشعر من داخلي أننا على أعتاب مرحلة جديدة ومشارف نهضة واضحة المعالم، وذلك لما تمتلكه مصر من طاقات بشرية، ومصادر متنوعة، وموقع جغرافي متميز، وحضارة وآثار عريقة، وثروات طبيعية مازال كثير منها بكرًا ، يحتاج إلى إرادة وتصميم من جهة ، وقرار سياسي حاسم ومستقل من جهة أخرى ، وتهيئة مناخ جيد للاستثمار الداخلي والخارجي من جهة ثالثة.
وفي أثناء مقابلتي لدولة رئيس الوزراء المهندس إبراهيم محلب لمستُ عزيمةً وإصرارًا على إحداث نقلة نوعية في تاريخ مصر الحديث تقوم على أسس واضحة المعالم، من أهمها :
دفع عجلة العمل والإنتاج إلى الأمام، والبحث عن بدائل غير تقليدية لإعادة المصانع المتعثرة أو المتوقفة إلى العمل، وتوفير مزيد من فرص العمل الحقيقية أمام أبناء الوطن جميعًا، للقضاء على البطالة أو التخفيف من حدتها على أقل تقدير في المنظور القريب، و التمكين للشباب في المواقع القيادية والتنفيذية مع عدم الاستغناء عن الكفاءات من ذوي الخبرة والدرية بمسالك الأمور، فالعلاقة بين الشباب والشيوخ ليست علاقة صراع أو صدام بين الأجيال، إنما ينبغي أن تكون علاقة تكامل، فلا غنى عن طاقات الشباب وحماسهم المنضبط بضوابط الكفاءة , ولا عن خبرات الشيوخ وتجاربهم في ضوء قدرتهم على العطاء .
والعنصر الأهم الذي نسعى جميعًا إلى تحقيقه في هذه الحكومة المرتقبة التي يعلق الشعب عليها آمالاً كبيرة هو تحقيق عدالة اجتماعية حقيقية وعاجلة، وهو ما نؤمن جميعًا به وما تطلبته ثورتا 25 يناير و 30 يونيو، وأكدّ عليه دستور 2014 الذي حققته إرادة المصريين بإقبال لا يدع مجالاً لأي مزايدة .
تلك العدالة التي لا يمكن أن يستقر وطن بدون تحقيقها وتصحيح منظومتها ،بما يضمن وصول الدعم إلى مستحقيه الحقيقيين ،ويعطي الأولوية في الدعم والخدمات للطبقات الأكثر فقرًا، والأشدّ احتياجًا .
و أؤكد أن العناية بتحسين أحوال الطبقات الكادحة أو الأكثر فقرا،والقرى والنجوع والمناطق العشوائية الأشد احتياجًا إلى الدعم أوالخدمات ستكون في أولى أولويات هذه الحكومة .
على أن ذلك يحتاج أيضًا إلى تضافر جهود الحكومة مع مؤسسات المجتمع المدني ورجال الأعمال المخلصين لوطنهم الحريصين على نهضته ورقيه ، الذين يدركون أن لوطنهم عليهم حقا، وهذا أوان رد الجميل للوطن، فعند الشدائد تظهر المعادن النفيسة.
و لكي تتحقق هذه الطموحات ينبغي:
1- أن نعمل جميعا على تحقيق الأمن والاستقرار، ونضرب بيد من حديد على أيدي العابثين والمخربين والمفسدين، وأن نُعرّي أطماعهم السلطوية، وندحض بالدليل القاطع حججهم الواهية، ونكشف للمجتمع كله زيفهم وكذبهم وخداعهم ومعسول كلامهم الممزوج بالسم الناقع، وصدق الحق (سبحانه وتعالى ) إذ يقول في كتابه العزيز: ( وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي ٱلْحَيَوةِ ٱلدُّنْيَا وَيُشْهِدُ ٱللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ ٱلْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي ٱلأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ ٱلْحَرْثَ وَٱلنَّسْلَ وَٱللَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلفَسَادَ * وَإِذَا قِيلَ لَهُ ٱتَّقِ ٱللَّهَ أَخَذَتْهُ ٱلْعِزَّةُ بِٱلإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ ٱلْمِهَادُ } ( البقرة: 204 – 206 )
2- أن نبذل أقصى الجهد في العمل والإنتاج , فلا شك أن الاقتصاد في عصرنا الحديث أحد أهم دعائم القوة وأشد أركانها , وهو ما دعا إليه ديننا وأكّد عليه , يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم ): ” إذا قامت الساعة وفي يدي أحدكم فسيلة فإن استطاع ألا يقوم حتى يغرسها فليغرسها ” .
على أن الإسلام لا يطلب مجرد العمل , وإنما يطلب إتقانه , يقول الحق (سبحانه وتعالى) لسيدنا داود (عليه السلام) : ” أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [سبأ : 11] .
3- التخطيط الجيد وحسن توظيف الطاقات , ومن أهم ركائز التخطيط وضع الرجل المناسب في المكان المناسب ,والنظرة الشاملة لقضايا الأمة , ودراسة الأمور دراسة وافية قبل البدء في تنفيذها .
4- ترتيب الأولويات : وذلك بتقديم الأكثر احتياجًا على الأقل , والأعم نفعًا على الأخص , والضروريات على الكماليات في كل جوانب حياتنا .
5- ترشيد الاستهلاك , والبعد عن جميع مظاهر الإسراف والتبذير , لأن الأمم التي تريد أن تبني نفسها وأن تنهض من كبوتها لا بد أن تتحمل لبعض الوقت بعض المتاعب والصعاب , فتعمل وتكّد من جهة ,وترشد استهلاكها من جهة أخرى , وهذا ما فعله يوسف (عليه السلام) لإنقاذ مصر في سنى المجاعة , وهو ما يتضمنه قول الحق (سبحانه وتعالى) على لسان يوسف (عليه السلام )” : {قالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً فَما حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلاَّ قَلِيلاً مِمَّا تَأْكُلُونَ ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ سَبْعٌ شِدادٌ يَأْكُلْنَ ما قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلاَّ قَلِيلاً مِمَّا تُحْصِنُونَ ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عامٌ فِيهِ يُغاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ }. (يوسف : 47-49) .